تتماهى فكرة المؤتمر مع تأطير تواريخ برقة في مجالها المتوسطي؛ لأن الحقيقة التاريخية الثابتة هي أن برقة تأسست نتيجة عوامل متوسطية وهجرات منذ عصور ما قبل التاريخ، حيث تشهد الكثير من المواقع الأثرية على عمق العلاقة بين برقة وضفتي المتوسط، كما وجهت العوامل المتوسطية شعوب البحر وجماعات إغريقية، وغيرهم من الأقوام الأجنبية بدوافع تخص جزءا من المجال المتوسطي، وهذا يقود إلى التأسيس على أن مدن برقة المشهورة متوسطية النشأة، تأثرت بعوامل مشرقية أوجدها الإسلام في مستهل القرن الأول الهجري-السابع الميلادي-، وهذه هي الخطوة الأولى لتحويل المجال البرقاوي السياسي والمجتمعي نحو المشرق، في ظل بعض المحاولات البيزنطية لإرجاع الإقليم للتبعية المتوسطية الغربية المباشرة، ثم تعمق التوجه البرقاوي المشرقي منتصف القرن الخامس الهجري-الحادي عشر الميلادي- بمقدم العناصر السليمية والهلالية التي أكدت عربية الإقليم ومشرقيته الصرفة، وتحولت العلاقات البرقاوية المتوسطية إلى نوع من التغريب التاريخي والعداء الديني والسياسي، ثم اتسق العهد العثماني مع البعدين المشرقي والمتوسطي وإن كان في صورة غزو قاد إلى استيطان دام قرونا أربعة.

ثم عاودت قوى المتوسط الغربية المختلفة دينا وتوجها، محاولة السيطرة على الإقليم بدعاوى تاريخية تعود إلى العصر القديم وبدايات الأزمان الوسيطة؛ فكان الاستعمار الاستيطاني الإيطالي صورة من التجاذبات السياسية الكولونيالية تجاه برقة بالكامل، بالرغم من قساوتها و وحشيتها لم تنجح في انتزاع برقة من اتجاهها الإسلامي والعروبي لارتباط المكان بانتمائه الإسلامي وهويته العربية التي لم تخضع للمماحكات والمجادلات.

ومن أجل تسليط الضوء أكثر على هذا الإقليم الذي يشكل في وقتنا الحاضر مع إقليمي طرابلس وفزان الدولة الليبية الحديثة.